الجمعة، 22 يوليو 2011

لنا كلمة عفواً•• بقلم سعد الديم محمد أحمد ()منشور رقم 126)

إنه حزبكم أتكرهون الجنة•• ما هذا التمويه؟ في >نص رأي< من هذه الصحيفة د• خالد التجاني تحت عنوان >مأزق المؤتمر الوطني حزب من؟< كتب قائلاً >الحديث هنا عن المؤتمر الوطني ينسحب بالضرورة أيضاً والانقسام الذي حدث بينهما لا يغير من حقيقة أنه الوجه الآخر للعملة ذاتها فهما شريكان في كل أخطاء التأسيس البنيوية، وكما هو حادث الآن فالصراع الذي أدى للانشقاق لم يكن بسبب تباين الرؤى الفكرية أو المواقف السياسية بقدر ما كان صراعاً على النفوذ والامساك بمفاتيح السلطة<• انتهى الاقتباس لو توقف د• خالد عند هذا القدر الجلي من مقاله لكفى الله المؤمنين شر القتال ولكن من ترعرع وشب مع الجماعة وشرب ماءهم لا بد أن يكشف نفسه بحيث يدري أم لا يدري مهما حاول الاخفاء بين السطور فاختتم مقاله بتلخيص ما ذهب إليه >وهل تكتفي الاغلبية الصامتة من الاسلاميين بالجلوس في مقاعد المتفرجين مكتفية بالتحسر والبكاء على اللبن المسكوب أم تنهض لتلعب دوراً إصلاحياً ليس من أجل الحفاظ على السلطة التي جاءت ممارستها على مدى عقدين خصماً على القيم الاخلاقية لمشروعهم الاسلامي ولكن من أجل الاسهام في حوار جاد ومسؤول مع الجماعة الوطنية بمختلف مشاربها وتنوعها يؤسس لمشروع وطني جديد للسودان يسع لكل أبنائه بنظام ديمقراطي حقيقي يستفيد من عثرات الماضي وعبره ولا يعيد أزماته المتطاولة< انتهى الاقتباس وبعد هذا الوضوح لا يذهب من فطنة القارئ تبنيهم واحتكارهم الاسلام دون سواهم ومنح الصكوك لجماعة وطنية وغير وطنية وفرض بأنهم أوصياء على هذا الوطن والشعب حسب رغباتهم وتجربة جديدة لمشروع جديد مواز للمشروع الحضاري والديمقراطية المفترى عليها التي ذبحت في ليل مظلم بأيديهم والاغلبية الصامتة من الاسلاميين تدثروا بثوب القوات المسلحة في ليلة الثلاثين من يونيو 89 واغتصبوا الديمقراطية وانتهكوا حرمة الشعب والذي جعلهم صامتين الصراع على النفوذ والامسكاك بمفاتيح السلطة فآثروا السلامة لانهم كانوا في موقف الضعفاء كشيخهم وها هو مشروعكم الحضاري شاهداً على النفاق فلا تحاولوا التملص من المسؤولية أين كنتم طوال العقدين من هذا النقد بل هذا السيناريو لا يعدو أن يكون جزءاً من اتجاهات الجماعة لانقاذ نفسها التأريخ ليس ببعيد مدون وشفاهة تكفي أخوان >جبهة الميثاق، الاتجاه الاسلامي، الجبهة القومية، الحركة الاسلامية، الكيان الجامع، المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي وأخيراً الاسلاميون الصامتون لا تحصى ولا تعد تلبسون لكل حال لبوسها وكالثعابين يغيرون جلودهم حسب الحاجة، الاسلاميون خططوا للاستيلاء على السلطة وها هي الآن بين أيديهم طوال عقدين ونيف من السنوات ترى ماذا هم فعلوا بها سوى تصفية الحسابات كفروا بالديمقراطية وذهب مفكرهم مع المعتقلين إلى سجن كوبر في عملية تمويه حتى إذا فشلت حركتهم حينذاك يكون هو منها براء والجماعة من خلفه لتدور لمكر آخر قالوا أتوا من أجل إقامة الدين والعدل والمحافظة على وحدة الوطن والتراب والتنمية والاستقرار والحد من جنون سعر الصرف واجتثاث الفساد ومعاقبة المجرمين والفاسدين خرجوا ضد اتفاقية الميرغني قرنق خرجوا في المسيرة المليونية والعقائديون من هم سيطروا على أجهزة الامن والاستخبارات العسكرية والشرطة يبحثون عن الضحايا مدنيون بملابس الجيش السوداني استولوا على السلطة في الظلام باسم قيادة القوات المسلحة والتمويه هي كلمة السر•• البلاد تقزمت، الفساد يمشى بين الناس، سعر الصرف لا تسألوا عنه، التمرد في الاتجاهات الاربعة للبلاد، اتفاقيتهم وبال على الوطن، وهكذا دواليك بعد العقدين• وعليه يا عزيزي كيف يمكن قراءة ما يحدث وما نراه وما نسمعه بطريقة موضوعية تسمح لنا أن نقف إلى جانب الحقيقة أن نتعامل معه وكأنه واضح بيّن وسهل المتناول هي إجابة ليست فقط خاطئة بل هي بالخصوص مضللة ويمكنها أن تقود القارئ الحائر المتسائل إلى اتخاذ مواقف من شأنها أن تقف إلى جانب من يتلاعبون بالحقائق ويسمحون لانفسهم لتحريضها وتزييفها المسألة تتعلق بكيفية قراءة هذا التنظيم الخطر على المواطن والوطن بل البشرية جمعاء بطريقة موضوعية وهي مسألة شائكة ومعقدة وتجربة فيها المثير والمنتهك لانسانية الانسان• بعد هذه الملاحظات المطلوب الاجابة عن السؤال الجوهري الملحاح الذي يفرض نفسه اليوم لان الامر يتعلق بمسؤولية كبيرة ملقاة على عاتق المثقفين والمفكرين والباحثين والصحافيين الاحرار ومن سار على دربهم كيف اقرأ كل ما يصلني بحذر واحتاط حتى لا أقع في فخ الكذب او التزوير او تلاعب ومناورات المتصارعين فيما بينهم حول تحقيق اهدافهم ومصالحهم كيف اعرف ان الموضوع المعروض هو قضية عادلة او مسألة تستحق الوقوف إلى جانبها والذود عنها، على القارئ التخلص من الاعتقاد بمركزية ذاته اي بانه القطب الجوهري في الوجود وان كل مجرات الكواكب وانظمة الافكار تدور حوله وهذا الشرط ضروري للتحرر من ثقل القيود التي تمنع من الانفتاح في الرؤية والوضوح في النظر وهو وراء اعطاء اذاننا للآخرين نسمع لهم وهم يعبرون عن وجهات نظرهم ويعرضون الاسباب التي تدفعهم إلى الاعتقاد بسلامتها وصحتها او بواقعيتها على القارئ التمييز والتفريق بين نوعين من المواضيع التي تقبل التأويل والتي لا تقبل التأويل فالاولى طبيعتها نظرية وقابلة للاخذ والرد والجدل وتأخذ اصلها من عالم الافكار وهدفها التعبير عن رأي في مسألة ما او قضية من القضايا كل واحد منا له فكرة خاصة او رؤية شخصية حول كل قضية من هذه القضايا ويمكنه ان يكون مع او ضد هذه الفكرة او تلك وهو من اجل الدفاع عن وجهة نظره يسوق دلائل وامثلة نشهد بصحتها و جديتها ويمكن لهذا النوع من المواضيع ان يتخذ شكل وثيقة مكتوبة، اما الصنف الآخر اي الثاني من المواضيع فلا يعبر عن رأي بل يقدم حدثا وقع بالفعل ويمكن التأكد منه اما بالمشاهدة او رؤية العين واما بالملاحظة والتجربة وكفانا تقسيم الادوار• عزيزي خالد•• النخب هي التي عجزت عن جس نبض الشارع واستشراف تطلعاته النخب لم تعمل على التغلغل في اعماق الجماهير لتسبر اغوارها بل كان همها اسقاط مفاهيم نظرية جاهزة لا تتناسب وطبيعة مجتمعاتها• عشرون عاما ونيف وانتم تحتلون المنابر والمهرجانات والصحف ولم تتجاوزوا شعوبا تموت وصحوات تعيش وانتم تجادلون باحقيتكم على قهر الناس عشرون عاما وانتم تكتبون لانفسكم وتجلدون الجمهور الذي لا يريد رؤيتكم ولا يبكي لبحثكم عن وطن ودولة تهجركم لانها تأنف من رؤيتكم عشرون عاما وطن يطلب الخلع منكم التي ضيعت امة من اقصاها إلى اقصاها•• الفتات تطالعنا بمانشيت اننا بخير والشعب بخير لكن اي شعب فقد يكون الشعب الذي تخدمونه هو جماعتكم واسركم واعمامكم وخالاتهم وعماتكم، عشرون عاما لم نكتشف سارق رغيف ولا بائع مفاتيح بوابات الحدود، عشرون عاما ولم تكتشفوا إلى الآن ان الامة تداعت من حلفا لنمولي ومن القاش للجنينة وان الفساد نخرها من رأسها إلى اخمص قدميها عشرون الف نكبة مرت على الامة وانتم تروون حكايات الف ليلة وليلة عن بطولة الدباب في الميل اربعين وعن حقوق المجاهدين في اعراس الشهيد وعن الدفاع عن الوطن المشطور بفعل الانتصار في الجهاد والتحرير ومناصرة الشعوب ولم ترو لنا نهاية القصة وانتم الوطني والشعبي واخيرا الصامتون شركاء فيما حدث ويحدث للوطن• الحيادية التي يزعمها الاعلام لا يمكن ان تتحقق ما دام من ينقل المعلومة هو اعلامي وبالتالي هو انسان ينتمي لبقعة ما على هذه المنظومة واحيانا تفضح كلمة واحدة انحيازا خبيثا للمتحدث او الكاتب بها حيث تتعدى العموميات والشمول إلى اضافة منظور شخصي لا يمكن تجاهله لان في الاعلام تحديداً التعميم النمطي والقوالب الفكرية الجاهزة وعلى الاسلاميين ان يستغفروا ربهم ويعودوا إلى رشدهم والتوبة النصوحة ومتطلباتها وان يردوا الحقوق لاصحابها ان كانوا جادين رضاء لربهم اولا وللوطن ثانيا• فالثورات التي حدثت الآن في المنطقة وبهذه النوعية والاهم انها خارج اطار النخب بل تعدت بحداثتها جميع النخب السياسية التنظيرية ليصل بعضها إلى حالة جديدة من الوعي والرقي غير مسبوقة نعم انطلقت هذه الثورات من دون اي توجيه من النخب بل والاهم انها في معظمها لا تبحث عن قادة لها في بنك القيادات الوطنية بل انها اما حركات قيادات وطنية غير معلنة واما افرزتها من رحمها وبعضها وقع في محظور عدم وجود البديل الحركات والثورات التي انطلقت بعيدا عن النخب استطاعت اجتياز كافة المعوقات• عزيزي القارئ حقا ان الشيطان يوجد في التفاصيل: الاسلامي، والوطني، وغير الوطني و المشروع والديمقراطية وما ان تبدأ في معالجتها ومناقشتها حتى تقفز إلى الظهور العديد من الصعوبات ويصعب علينا الحسم في الامور لهذا من الاحسن التثبت بالمبادئ الاخلاقية العامة والقيم العليا وحقوق الانسان التي لا يختلف عليها اثنان والانطلاق منها فاذا ما اختلطت على المرء الاشياء والحقائق فلا يعرف ما يفعل واي موقف يتخذ فهناك معيار يمكنه ان يجنبه الكثير من الاخطاء فليحاول ان يلقي نظرة فاحصة متأنية على واقع علاقات القوة بين الجهات المتخاصمة او المتنازعة سيعرف حينئذ من هو القوى ومن هو الضعيف من هو المظلوم ومن يستعمل العنف ومن يستعمل السلم من يسجن ويعذب ومن هو الضحية ومن هو القاتل ومن هو المقتول• انا شخصيا اخترت ان اكون إلى جانب الضحايا المظلومين الضعفاء الذين لا حول لهم ولا قوة القابعين من معتقلي الرأي في السجون المعذبين والمحرومين من حريتهم والمطالبين بحقوقهم وكرامتهم• وفي النهاية عزيزي تبقى معرفة هذا التاريخ والوعي بمدى معفوله وتأثيره في اتخاذ المواقف والقرارات السياسية الكبرى شيئا ضروريا لفهم ما يحدث اليوم وهنا لا تجدي الحسرة•

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق